إخفاء التسبيح الفطري عن الإنسان رحمة له
فعليا نحن نعيش في رحمة من رحمات الله تعالى لأنه حجب عنا تلك الأصوات، والتي تجعل من قدراتنا السمعية ما هو دون الوصول إليها، وإلا لأصبحت الحياة جحيماً لا يطاق إذا تكاثرت الأصوات من حولنا دون توقف، ولما استطاع الإنسان العمل، أو التفكير، أو التدبر، أو الراحة والاستجمام، أو النوم والاسترخاء.
ومن ثم يمكن أن يفقد الإنسان عقله إذا وجد كل ما في الوجود من حوله يتكلم في وقت واحد مثل الحجر والشجر وغيره من النبات، والثمار وغيره من أنماط السكن، والحيوان، والطعام، والملابس، والنجوم، وغير ذلك من مختلف صور الخلق!
فمن رحمة الله بنا أنه تعالى قد حجب سمعنا وحواسنا عن كل ذلك، وإلا لاستحالت حياتنا في هذه الدنيا إلى جحيم لا يطاق.
التسبيح الفطري للمخلوقات |
التفسير العلمي للتسبيح الفطري لكل ما في الكون
- إن اللبنات الأساسية للذرة تتحرك بداخلها حركات عديدة وسريعة، ومنتظمة، ومنضبطة انضباطاً دقيقاً، وكذلك الذرات تتحرك في داخل الجزيئات، وتتحرك الجزيئات حركات عديدة في داخل المادة مهما كانت حالتها سواء مادة غازية أو سائلة أو صلبة.
- وهذه الحركات التي تنتقل من اللبنات الأولية للمادة إلى حركة الكون في مجموعة نجد أنها حركات منضبطة الإيقاع دقيقة التناغم، محكمة التكامل في كل صورها وهيئاتها وأبعادها، ولكنها حركات على قدر من الخفوت بالنسبة إلى القدرات السمعية عند الإنسان مما يجعلها غير مدركة عنده.
- ومن هنا اقتصر نفر من المفسرين في فهم "تسبيح" الجمادات مثل "الجبال" على أنه تسبيح صامت، يستنتج من دلالتها الواضحة على الكمال المطلق للقدرة الإلهية التي أبدعت هذا الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته بهذه الصورة المبهرة المعجزة من الوحدة في البناء، والدقة في التنظيم، والأداء، والإحكام في الحركة، والترابط.
- كما يمكن استنتاج هذه الحقيقة من خضوع تلك الجمادات خضوعاً تاماً للسنن الكونية، فكأنها لدقة بنائها، وانضباط حركاتها ناطقة بتسبيح الله، وبخضوعها لسلطانه، وانقيادها لأوامره تعالى انقياداً يصورها بأنها مسبحة بتعظيمه، وتنزيهه عن كل نقص، وذلك استناداً إلى أن التسبيح الذي يعرفه الإنسان لا يصدر إلا من العاقل العارف بالله.
- ولكن نصوص كل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تؤكد على أن التسبيح الفطري بواسطة كل الكائنات من الجمادات إلى الأحياء غير المكلفة هو حقيقة واقعة، ولكنها حقيقة لا يدركها كل الناس لأنها محجوبة عنهم رحمة بهم، ولأنها فوق مألوفهم، وفوق إدراكهم وإحساساتهم.
ومن رحمة الله بالناس أن الله فرض تلك العزلة بين الإنسان وبين نطق ما حوله من الخلائق والكائنات بالتسبيح لله وإلا لتوقفت حركة الحياة، وفقدت الدنيا دورها كدار ابتلاء واختبار لجميع المخلوقات العاقلة، المكلفة والحاملة للأمانة.
- ولكن حين تشف الروح، ويصفو القلب، ويصح العقل فإن الإنسان يستطيع أن يدرك تلك الحقيقة الكونية المبهرة فيسمع الكون وهو يسبح لله، وإذن يدرك من أسرار الوجود ما لا يدركه الغافلون.
- ولكن حين تشف الروح، ويصفو القلب، ويصح العقل فإن الإنسان يستطيع أن يدرك تلك الحقيقة الكونية المبهرة فيسمع الكون وهو يسبح لله، وإذن يدرك من أسرار الوجود ما لا يدركه الغافلون.
تعليقات
إرسال تعليق